الجمعة، 11 مارس 2011

ثقة اليوم

أسعد الله وقتك أيها القارئ ، ورزقك فضله وكرمه في أن وهبك عقلا تفند به بين الطريقين : الخير والشر .
حقيقة إلتمست موضوعا من واقعنا اليومي ووجدت أنه متفش ٍ بنسبة متزايدة على وجه العموم . إنها الثقة التي تقوم على أساسها النجاحات ، و بها تتحقق الإزدهارات ، وتتوالى الإنجازات على إثرها ، ويقوم العدل من ورائها. ثقة الحاكم بوزرائه ومن تحت حكمه ، وثقة الوزير ومن في ضله ، وثقة المدير ومن في إدارته ، وهلم جرا . فالثقة مطلبٌ مهم للتقدم والتميز . لكن إذا ما تحدثت عن الثقة فأرى إنها – من وجهة نظري – في واقعنا وبنسبة عظمى في نوعين : ثقة مفقودة وثقة موجودة .
أما الثقة المفقودة فهي متداولة في المؤسسات والجهات والأنشطة وغيرها من الجهات كتداول النقود في المصارف ، ويتحكم بتداولها ذلك المدير أو المسؤول أو سيد الأمر بتعنت فاقد لثقافة الثقة وتسلط مجحف أشبه بأن يكون أمرا ً عسكريا ً! إذا ً كيف لنا أن نرتقي وكيف لنا أن نتطور ونسلك درب النجاح والإنجاز إذا لم يعرف المدير أو المسؤول أو سيد الأمر كيف يولي ثقته في موظفيه؟! وكيف للفرد أن يطور من كفاءته ومهاراته إذا لم توجد ثقة من قبل رئيسه أو مديره ؟! كيف له أن يعلم الصواب من الخطأ ؟ إذا ً تساؤلات تعقبها تساؤلات أخرى والأمر سهل حله ليس إلا ثقافةٌ ووعي تلزم المدير أو الرئيس ويتغلب على هذا الأمر الذي يُفقد العنصر البشري طاقته !
• همسة أولى في أذنك :
إذا كنت مسؤولا أو مديرا أو غيره وتحتك أفراد وموظفين ولم تولي الثقة لهؤلاء فاعلم أن نجاحك باهت وعمره قصير ! واعلم من جهة أخرى أنك تغرق نفسك في وحل الجهل والتخلف وتلزم موظفيك الغرق معك ! إذا ً بادر بالشجاعة لكي تولي الثقة لمن تديرهم حتى تحقق النجاح المنشود واعلم أخيرا أن خير الخطائين التوابون .
وأما الثقة الموجودة فهي حدث ولا حرج ! أقلها إيجابي وأكثرها سلبي ! أما في واقعنا المعاصر نجد أن الثقة الموجودة السلبية تقف صفا ً واحدا ً إلى جانب الثقة المفقودة وكأن وجودها من عدم ! ليس لها فائدة ولا تطور ولا تقدم ولا نماء ولا نجاح ! بل إنها تورث المشاكل وتجلب المصائب وكل هذا بسبب الثقة الموجودة السلبية ! في واقعنا الحالي نجد سيد الأمر أو الوزير أو المدير أو المسؤول أو حتى ولي الأمر يولون ثقتهم لمن تحتهم ثقة عمياء دون رقيب ولا حسيب ! ونتيجة لهذه الثقة العمياء الفاترة نجد أن الفساد الإداري ينهك جسد المؤسسات والفساد المالي ينخر عصب مورد الرزق الأساسي ، ونجد أن الظلم يحيف بالناس من كل مكان ، والعدل يتوارى عن مسلكه الصحيح ، وتجد وتجد ! ولا أقول إلا اللهم اهدي هؤلاء ، اللهم أعنا واستر علينا . غريب أمر هؤلاء ألم يتمعنوا حديث المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه حين قال : ( كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ) ، ألم يتدبروا في قول العلي الكبير" (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) يونس – 61
إذن يجب على كل مدير أو مسؤول أو سيد أمر أن يعلم أنه محاسب على توليته الثقة الكاملة لموظفيه ولم يراقبهم أو يحاسبهم لذلك . وحالنا اليوم هو أسطع دليل وبرهان على ما وصلنا إليه ! واقعنا عبرة لمن يعتبر !!
• همسة ثانية في أذنك :
لا تكتب لنفسك ثقافة الإتكالية ! وإنما أولي ثقتك بمن تحتك وراقبهم مراقبة حسنة معتدلة دون أن تزرع فيهم الكره والحقد إليك ، ودون أن تجعلهم يكرهون العمل ويفقدون متعته ! واعلم أنها ثقافة ووعي فثقف نفسك وكن فطنا ً في إدارتك .


سامي أولاد ثاني/ كلية العلوم

هناك تعليق واحد:

  1. نقال مميز...ناقش فيه الكاتب موضوع الثقة بأسلوب مغاير وجميل...شكرا لك على هذا المقال ونتطلع للأجمل من قلمك المبدع..((عتب صغير...ألا ترى أنك لم تعطي الثقة الإيجابية حقها من الطرح..؟؟..))

    دمتم أصحاب ثقة إيجابية

    ردحذف